اليمن.. وطن مسلوب وخيارات مُره!

Yemen_broken

مثلت ثورة فبراير 2011 نقطة تحول هامة على صعيد تطلعات الشعب اليمني الذي لم يخرج فقط للمطالبة برحيل علي عبدالله صالح بل كان لهم مطلب أكبر من ذلك وهو رغبتهم بدولة مدنية حديثة تؤمن لهم العيش الكريم تكفل لهم كافة حقوقهم ويراعون فيها واجباتهم، دولة تحترم سيادة القانون ولا تفرق بين المواطن وشيخ القبيلة أو الدين، هكذا أرادوها.

لكن سرعان ما تكالب عليها المتسلقون وحولها إلى غنيمة ينهشونها لأجل مصالحهم الضيقة، تقاسموا الوطن باسم الوطنية، واستغلوا الجهل لنشر التبعية وهذه هي النتيجة شعب منقسم ومتشظي بين صراعات قبلية ومناطقية تغذيها عقليات مهتراه باسم الدين والوطن, ليصبح اليمني المتمرد على ذلك الوضع غريبا في بلده يوصم بالعميل والمارق والزنديق والحوثي والاصلاحي والتكفيري ليلقى نفسه امام خيارات مُره امر من العلقم.

فالكل يعرف ان اليمن بأكمله تغرق في حرب استنزاف داخلية ليس لنا فيها ناقة ولا جمل يزيدها كارثية ذلك الاصطفاف الاعمى لمن يسمون باللجان الثورية وجيش باع ذمته ووطنه لأجل فرد ولجماعة اخرى تدعي المقاومة, فكل أولئك فشلوا بأن يأتوا بمشروع وطني حقيقي يحفظ لليمني كرامته وعزته بل أتو بهمجية السلاح والقتل والاقتتال يستقوون بالدعم الخارجي واعلام تخلى عن المهنية والموضوعية في البحث عن الحقيقة.

فالملاحظ ان الصراع الدائر هو بين القوى الرجعية في ظل غياب واضح للقوى الحداثية التي كانت تطربنا بنظريتها وتلمسها لهموم واحتياجات المواطن البسيط غياب يفتح المجال لتغول تلك القوى الرجعية المتسلحة بأفكار ظلامية ودين زائف.

وعند النظر بشكل دقيق لمناطق الصراع الداخلي الجاري حالياً في تعز وبعض مدن الجنوب فنحن نلاحظ إن القوى المتصارعة هي اللجان الشعبية التابعة لجماعة الحوثي والمدعومة من قبل قوات الجيش الموالية لعلي عبدالله صالح في المقابل نجد المقاومة الشعبية التابعة لحزب الإصلاح والمدعومة من قوات التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية، هذا الصراع يولد سيناريو واحد عن مستقبل تلك المدن بعد انتهاء الصراع إذا سلمنا فرضاً انتصار إحدى تلك القوى البرجماتية مع إن انتصار إحداهن على الأخر أمر في غاية الصعوبة كون الطرف الخاسر سيواصل حربه ولكن بأسلوب أشد قذارة من السابق عن طريق الجماعات الإرهابية وإثارة الفوضى وغيرها من أعمال مشينة اعتدنها من قبل تلك القوى.

فالسيناريو الوحيد الذي سيطغى على واقع تلك المدن هو الرضوخ لحكم المرشد أو لولاية الفقيه الذي لا يختلفا عن بعضهما سوآ بالمسميات وبعض الأمور الفقيه، فكليهما يقتل باسم الله وينظر لنفسه بأنه هو القوة المهيمنة التي يجب أن ينصاع لها الجميع وأي مخالف لأوامرهم – التي يتلقونها من الدولة التي يتبعونها – خروج عن الصف يستحق مقترفه أشد أنواع العقاب على تلك الفعلة حسب عقليتهم.

ومما لا شك فيه إن الكثير من اليمنيين يدروك ذلك، ولكن غياب القوى الوطنية والصوت الحر عن الساحة واصطفاف بعض المثقفين ونخبة المجتمع وراء تلك الجماعات سعياً منهم للحفاظ على مصالحهم الضيقة ليكونوا مجرد أدوات لبث سموم تلك الجماعات بين أوساط المجتمع الأمر خلق المجال أمام المواطن اليمني المغلوب على أمره بأن يتجه لمناصرة تلك الجماعات متمسكاً ببصيص أمل يمكنه من أن ينعم بحياة كريمة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *