رباه خلصنا من أنصارك…

Yemeni Kidتحايل أنصار الله – جماعة الحوثي –  على الشعب اليمني بمطالب تعانق أحلام وتطلعات المواطن اليمني البسيط الذي يتكبد الويلات وهو لايزال يحلم بوطن يوفر له أبسط حقوقه، ولم يدرك الشعب اليمني إن من يسمون أنفسهم أنصار الله لهم غايات أخرى، فمنذ أن أحكموا سيطرتهم على اليمن عملوا بشكل سريع على إلغاء الدولة، وتعظيم القبيلة ومرجعياتهم الدينية.

اليمن التي تعيش ثمانية أعوام من الدمار والخراب الذي أتو به أنصار الله حتى تدخل قوات التحالف هي لعنة أخرى كان سببها “أنصار الله” لينقض هذا الواقع الجديد على ما تبقى من الاقتصاد اليمني الهش ويكون المواطن اليمني على موعد جديد من المعاناة تعمق من آهاته وأوجاعه.

صحيح إننا في بداية العام الدراسي  إلا أن كثير من الأسر دفعت بأبنائها لتوجه لسوق العمل بدلاً من المدارس لكي يساعدوهم في توفير الاحتياجات الأساسية، ومن لم يجبر أطفاله على العمل أجبرهم على البقاء في البيوت خوفاً من أن يفقدهم في ظل هذه الحرب المجنونة.

ازدهار السوق السوداء للمشتقات النفطية على مراء ومسمع من الميلشيا المسلحة التابعة لأنصار الله التي تتفاخر بأنها هي النظام، وهي من تسمح لتلك الأسواق بالعمل بشكل علني وواضح تحت مبرر “عدم التضيق على المواطن كون السوق السوداء هي الحل الوحيد لتوفير المشتقات النفطية”، ولكن في الأساس لأن من يدير تلك الأسواق هم قيادات تابعة لأنصار الله، فتغيب المشتقات النفطية عن محطات البيع الأصلية وتتوافر بكميات كبيرة في السوق السوداء ليصبح المواطن اليمني مضطر لشراء 20 لتر من البنزين بسعر 70$ والسعر الرسمي هو 12$ للعشرين لتر.

المجهود الحربي هو حجة أخرى من حجج أنصار الله لابتزاز المواطن اليمني فعند نهاية كل شهر يتفاجأ الموظف باستقطاعات مالية من راتبه تحت بند المجهود الحربي الذي يروج له على أنها دعم نفقات لقتال السعودية ولكنها اختلاسات ماليه تذهب لقيادات أنصار الله ودعم مقاتليهم المناطق الوسطى والجنوبية لليمن، ولم يقف الأمر عند ذلك الحد بل ذهب إلى فرض مبلغ 100ريال يمني على كل مشترك في شركات الهواتف المحمولة كل ذلك لدعم المجهود الحربي لأنصار الله.

المواطن اليمني الذي يعيش حياة الوطواط في ظل الانقطاع الدائم للكهرباء والغياب التام للخدمات الأساسية أصبح لسان حال أغلبهم “رباه خلصنا من أنصارك”…

جلال.. أيقونة حياة…

Galal

شهر كامل على وداعي لأخي الأصغر جلال عبدالباسط علوان أو كما يعرفه الجميع جلال البناء الذي أستشهد دفاعاً عن تعز خاصة واليمن عامة من همجية ووحشية مليشيا الحوثي وجيش علي صالح الذين ملأ اليمن خراباً ودمار في سبيل سعيهم الفاشل للحفاظ على مصالحهم الذاتية.

لقد كان جلال شخصاً ثائراً بطبعه طامحاً للحرية، فقد كان من أوائل المشاركين في ثورة 11فبراير2011 الشبابية رافضاً العيش في كنف الظلم والقهر والمرض والجهل والفقر، فقد كان دائم التفكير بوطن للجميع يحفظ للجميع كرامتهم، وطن يعيش فيه الجميع بشكل متساوي تحت راية القانون.

وفي نهاية شهر مارس الماضي رُزق جلال بفتاة أسمها جوري حيث صادف مولدها اجتياح مليشيا الحوثي وقوات صالح محافظة تعز ليمارسوا فيها أبشع أعمال العنف والنهب والتخريب والحصار مما أضطر شباب محافظة تعز لحمل السلاح لدفاع عن محافظتهم وشرفهم وعرضهم، وكان جلال أحد الشباب المنظمين لصفوف المقاومة.

جلال أبن 24 ربيعاً كان دائم التفكير في كيفية توفير مستقبل أمن لأبنته تعيش فيه ويستوعب طموحاتها وتطلعاتها، أخبرني قبل استشهاده بأيام قليله بأننا إذا أردنا أن نبني وطناً حقيقياً فيجب من التضحية والموت في سبيل هذه الغاية حياة، هذه الكلمات ستبقى ترن في أذني حتى آخر يوم في حياتي.

لا أزال أتذكر أخر يوم شفته فيه، هادئ الطبع حنون النظرة على غير العادة، طلب مني الاعتذار من خالي لعدم قدره على المجيء إلى العرس ابنته بسبب انشغاله مع المقاومة، ذهب وهو مبتسم ابتسامة دافئة لم أكون أتوقع إنها أخر ابتسامة أرها منه.

مضى يوماً على ذهابي وإذا بي في المساء أتلقى اتصالا يهزني يبلغني باستشهاد أخي جلال، شعرت بأن قلبي قد توقف شريط الذكريات يمر من أمامي، فقد كانت ليلة مؤلمة لم أستطع فيها الذهاب إلى المستشفى الذي كان يرقد فيها جلال بسبب فرض مليشيا الحوثي لحظر التجوال، شعرت بحالة من العجز تجتاحني وما أبشعها من لحظات عشتها.

ومع إشراقة شمس الصباح توجهت مباشرة إلى منزلي لألقي النظرة الأخيرة على سندي ورفيق دربي جلال، ومنذ الوهلة الأولى لوصولي إلى المنزل شعرت بإحساس الوحدة والقهر يلفني كيف لا وأنا لن أرى أخي مرة أخرى.

رحل جلال من الوجود لكنه لم يرحل من داخلنا، فموت جلال أيقونة حياة لكل إنسان طامح بالحرية والعيش بكرامة…