عند ناصية الموت…

User comments

تصوير: جُزيلان القباطي

تعيش تعز كسابقاتها – عدن والضالع ولحج وأبين وشبوة – من المحافظات التي رفضت الخضوع للعدوان الشرس تقوده ميلشيات الحوثي المدعوة من قوات الموالية للرئيس السابق/ علي عبدالله صالح، عدوان يسعى لنيل من هوية محافظة تعز الثقافية المدنية، اُستخدمت فيه معظم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة التي تمتلكها تلك المليشيات والقوات المساندة لها.

تعز اليوم تعيش على أنقاض مدينة، فالخراب والدمار طال كل ركن فيها دون التفريق بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، كل ذلك تحت مسمى “المسيرة القرآنية” التي يقودها قائد ثورتهم/ عبدالملك الحوثي.

فهذه الثورة التي يتحدثون عنها لم تأتي بما يطمح به المواطن اليمني، بل جاءت لتلبي أهواء ورغبات قائدهم/ عبدالملك الحوثي وزعيمهم/ علي صالح، الذين وقفا سداً منيعاً أمام رغبة الشعب بدولة مدنية حديثة تزيل الفرقاء بين أبناء الوطن الواحد ويعيش فيه الجميع تحت سلطة القانون.

فهذه الثورة التي يتحدثون عنها لم تقف عند هذا الحد، ولكن ذهبت إلى ما هو أشد قبحاً وهو تعميق الشرخ الذي يعيشه الشعب اليمني، ليكتوي بنارها مناصريهم حيث تلمس ذلك من جثث قتلاهم التي تملئ شوارع مدينة تعز، والذي يمتنع قادة مليشيات الحوثي والقوات الموالية لهم من أخذ تلك الجثث وتركها ورائهم إما لتأكلها الكلاب أو تواجه مصيراً مجهول، ما عدا من هم ينتمون إلى الأسرة الهاشمية أو السادة، متناسين إن هذه الجثث لأشخاص خرجوا نصرة لهم تاركين ورائهم أسراً تنتظر عودتهم أو خبراً يطمئنهم عن أبنائها.

أطفال في عمر الزهور الأجدر بهم أن يكونوا في المدارس يتلقون العلم، ليفيدوا به وطنهم الذي هو بأشد الحاجة لهم ليبنوه ويعمروه ولينشروا ثقافة التسامح والسلام، ليتعلموا إن الاختلاف في الرأي سنة الكون والحوار هو الأسلوب الأمثل لتجاوز كل الصعوبات والمحن، لكننا نشاهد الفرق المخيف، فهم لا يزالوا يجندون الأطفال ويغرسون فيهم ثقافة الكرهة والحقد ليكونوا كبش فداء في أرض المعركة.

فمليشيات الحوثي والقوات الموالية لها لا يشعرون بالخزي والعار وهم يعلقون صور قتلاهم في شوارع المدن المسيطرين عليها تحت مسمى “الشهيد” ألا يعلمون بأن هذه جريمة حرب يعاقب عليها القانون الدولي الإنساني، فمليشيات الحوثي والقوات الموالية ليسوا وحدهم الملامين في هذا بل أيضاً أسر تلك الأطفال التي ترسل فلذات اكبادها للموت.

قد يبرر بعض المثقفين هذا الفعل بانه ناتج عن الجهل والفقر التي تعيشه المناطق المسيطر عليها من قبل الحوثي، ولكني أحياناً كثيرة أتسأل أين هو حنان الأم وخوف الأب على أبنائهم؟! هل تخلت الأسرة عن دورها الحقيقي في تربية وتعليم أطفالهم وجعلوا منهم معيلين لهم؟! ألا تطمح تلك الأسر بأن ترى أبنائها ذو شأن عظيم في المستقبل؟! والسؤال الأهم هل تجردت تلك الأسر من إنسانيتها؟!

إن ما أتحدث عنه هو جزء بسيط من فظاعة أفعال مليشيات الحوثي والقوات الموالية، جزء عايشته ولامسته وتألمت كثيراً لأجله، لأقف حائراً أمام تسأل لم أجد له إجابة هو كيف لهذه الجماعة التي تنادي بالسلالية والطبقية أن تقود دولة في ظل أفكار رجعية عفاء عليها الزمان؟! أم هو استخفاف بالعقل اليمني؟!

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *